أرسل لي صديقا من الخارج فيديو لبرنامج تبثه قناة تسمّي نفسها “المهرية”، وهي لا صلة لها بالمهرة لا أرضاً ولا إنساناً ولا تاريخ ولا لأي شي اطلاقا مجرد انتحال للأسم والمسمى والمحتوى. قناة وُجدت لتعيد تدوير الكذب، وتغليف خطاب الكراهية بألوان “الوحدة” الممسوخة والشرعية المزعومة
في تغطيتها الأخيرة لقرارات الرئيس عيدروس الزُبيدي، قدّمت لنا القناة مسرحية من “حوار الطرشان الخجفان “: مذيع مفلس، وضيف أكاديمي أكثر إفلاساً، يتبادلان سيل الهراء لتصوير المشهد وكأنه انقلاب، بل و”بيان رقم واحد” ومدعوم لم يقولوا هذه المرة إماراتيا بل ذهب بهم الجنون والتيه بالقول مدعوم إسرائيليا ! أي عبث هذا؟
لم يكتفوا بذلك، بل استدعوا مقارنات منزوعة السياق: الجنوب = كردستان، وعدن = الدروز! غباء سياسي أم جهل بالتاريخ؟ الجنوب ليس أقلية تبحث عن حماية، بل دولة وشعب وهوية دخلت في وحدة سياسية مع الشمال عام 1990، فشلت وانتهت إلى حروب ودمار. الجنوب لا يُقاس بكردستان، ولا يُلحق بالدروز بهكذا تسطيح ووضاعة نجسة أنجس من بول الكلاب الضالة
المفارقة المضحكة أن هذه القنوات ترفع شعار “الوحدة”، بينما لا تنتج إلا خطاب التفرقة والتحريض. تصرخ ضد كل ماهو جنوبي ، لكنها تسوّق الكراهية والتكفير، وتعيد نفس الأدوات التي جُرّبت من قبل: فتاوى، مفخخات، داعش، وشعارات غزو الجنوب. تناقض يفضح نفسه بنفسه.
الواقع أن خطاب “المهرية” وأخواتها هو نسخة منسوخة من قاموس الإخوان: تسطيح + تدليس + تزييف. تكفير . = منتج إعلامي مفضوح. يعتقدون أن وعي الناس سلعة رخيصة، وأن المواطن الجنوبي أو الشمالي ساذج يمكن تمرير الأكاذيب عليه كما في التسعينيات. لكن الزمن تغيّر، والوعي تبدّل، و”البضاعة الفاسدة” لم تعد تجد مشترٍ ولامروج بالقوارير المدفوسة كذبا وتدليسا !!
منتهى الكلام : الجنوب ليس ملعباً لخيالات مريضة ولا مسرحاً لأحقاد مؤدلجة. قضية الجنوب أكبر من هرطقات شاشة وحديث ورعان ، وأعمق من مقارنات عرجاء. ومن يظن أن الكذب قد يصنع شرعية، فليجرب حظه في سوق النفايات، لا في سوق وعي الشعوب وحصانتها الجميل في الأمر أن نتاج هذا الخطاب هنا في الجنوب بل والشمال صار عكسيا معه أضحى كل منا يشمت ويسفه كل ما يقال بثقة مطلقة .