على مدى سنوات طويلة، ظلت محافظتا المهرة وحضرموت تحت واقع مفروض بقوة الاحتلال، دون أن نشهد حراكًا شعبيًا واسعًا أو مطالبات جادة من أبنائهما بإخراج تلك القوات، رغم ما صاحب تلك المرحلة من فساد وتهريب وتدهور أمني ومعيشي.
غير أن المشهد تغيّر بشكل لافت بعد أن تمكن أبناء الجنوب، بتضحيات جسيمة وبدماء رجالهم، من طرد القوى المحتلة وإعادة فرض الأمن والاستقرار في المهرة وحضرموت. حينها فقط، برزت أصوات وقبائل تطالب بخروج قوات أبناء الجنوب، في موقف يثير الكثير من علامات الاستفهام حول دوافعه الحقيقية.
وبكل وضوح، فإن المطالبة بخروج أبناء الجنوب لا تنطلق من حرص صادق على السيادة أو مصلحة المواطنين، بل يقف خلفها في الغالب أشخاص تضررت مصالحهم المرتبطة بالتهريب أو الفساد الذي كان سائدًا في ظل الفوضى السابقة، فوجدوا في الاستقرار تهديدًا مباشرًا لمكاسبهم غير المشروعة.
لقد قدّم أبناء الجنوب أرواحهم دفاعًا عن أرضهم وكرامة شعبهم، وهم أصحاب مشروع واضح يقوم على فرض الأمن وبناء السلام، وليسوا قوة طارئة أو ميليشيا تبحث عن نفوذ. ومن حقهم الطبيعي إدارة شؤون مناطقهم، بل وكل أرض جنوبية يسعون لحمايتها، طالما أن ذلك يتم في إطار مشروع وطني منظم.
كما نوجّه نصيحة صادقة لكل من يتم تحريكهم أو دعمهم لخلق الفوضى وزعزعة الأمن في الجنوب: راجعوا حساباتكم، فالخاسر الأول من الفوضى هو المواطن، والخاسر الأكبر هم من يراهنون على مشاريع فاشلة ومؤقتة.
وفي الختام، فإن مطلب أبناء الجنوب واضح لا لبس فيه: بناء قوة جنوبية موحّدة، تحت راية واحدة، تعمل وفق رؤية مدروسة ومخططة، هدفها تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في جميع المحافظات الجنوبية، بعيدًا عن الارتجال، ودون انتظار توجيهات من قوى فاشلة أو أطراف لا يهمها سوى تعطيل مسيرة الجنوب.