شبكة المهرة الأخبارية /مقالات/ الثلاثاء 2 سبتمبر 2025م:
بقلم /محمود اليزيدي
حين يصف سيف الحاضري الرئيس عيدروس الزبيدي بأنه “العائق المشترك أمام تحرير صنعاء واستعادة الجنوب”، فإن السؤال الأول الذي يقفز إلى الذهن: عائق أمام من تحديداً؟
أمام الحوثي الذي تمدد حتى احتل صنعاء في وضح النهار بينما “الجمهورية اليمنية” كانت تتهاوى؟ أم أمام مشاريع سياسية فاشلة تحاول إعادة تدوير نفسها على حساب الجنوب؟
الحقيقة أن الزبيدي لم يكن يوماً عائق إلا في نظر من يرى في الجنوب خطر على مصالحه. فهو العائق أمام من يطمحون لإبقاء الجنوب تابع، وأمام من يريدون أن تظل قضيته مجرد ورقة تفاوضية أما على الأرض، فهو الرجل الذي تصدى للحوثي يوم انهارت مؤسسات الدولة، وهو الذي جعل قضية الجنوب تُطرح في العواصم الكبرى بعد أن حُوصرت عقود بالتعتيم والتجاهل.
الحاضري يقول إن الزبيدي فشل في “تقديم الخدمات” وفقد “الحاضنة الشعبية”. ولكن دعونا نسأل: أليست هذه الخدمات هي ذاتها التي عجزت عنها حكومات الوحدة لعقود؟ ألم تنهك الحروب المتلاحقة البنية التحتية وتنهك المواطن حتى قبل ظهور المجلس الانتقالي؟ لماذا يُطلب من الجنوب أن يقدم نموذج الدولة الكاملة في ظروف حرب مدمرة، بينما يُعفى الآخرون من حساب فشلهم التاريخي؟
ثم أين هو التقدم الذي حققته القوى التي ترفع شعار “تحرير صنعاء” منذ ثماني سنوات؟ هل حررت مديرية واحدة في الشمال دون دعم الجنوب؟ الحقيقة أن من يقف في مواجهة الحوثي ميدانياً هم الجنوبيون، ومن يملأ الجبهات في شبوة وأبين والضالع ولحج هم أبناء الجنوب الذين يحاول الحاضري التقليل من تضحياتهم.
خطاب الحاضري يتحدث عن “العجز والتناقض”، لكن التناقض الحقيقي هو في خطاب من يطالب الجنوب بالتضحية بلا مقابل، ويريد أن يبقيه أسير مشاريع لم تنجح يومًا في بناء دولة أو هزيمة عدو. إن تصوير الزبيدي كـ”عائق” ليس سوى محاولة للهروب من سؤال أكثر جوهرية: لماذا فشلت النخب اليمنية في حماية صنعاء، بينما يطلبون من الجنوب أن يحمي الجمهورية التي لم تحميه يوماً؟
الزبيدي ليس عقدة كما يصوره الحاضري، بل هو عقدة في حلق من لا يريد أن يعترف بالجنوب كقضية عادلة وشعب له حق في تقرير مصيره. أما العائق الحقيقي، فهو عقلية ما زالت تصر على إنكار الحقائق، وتفضل الهجوم على قيادات الجنوب بدل مواجهة الحوثي في عقر داره.
الخلاصة، الزبيدي ليس “عائق”، بل مرآة تكشف عجز الآخرين. ومن يخشى مواجهة هذه المرآة، سيظل يبحث عن شماعة جديدة ليعلق عليها إخفاقاته.