الخميس , 10 يوليو 2025
شبكة المهرة الأخبارية /مقالات/ الخميس 10 يوليو 2025م:
بقلم /عبدالرحمن باعيسى
لم يكن اعتقال الشيخ محمد أحمد علي الزايدي ، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي في منفذ صرفيت الحدودي بمحافظة المهرة مجرد حدث أمني عابر ، بل تحوّل خلال ساعات إلى قضية سياسية وأمنية معقدة ، كشفت عن حجم التشابك بين الأجندات الإقليمية والتوازنات القبلية ، وتضارب المصالح بين مراكز النفوذ .
الحادثة التي وقعت صباح الثلاثاء 8 يوليو 2025م، ورافقتها اشتباكات مسلحة في منطقة دمقوت بين وحدات تابعة لمحور الغيضة ومجاميع مسلحة ، فتحت الباب لتحليل أعمق لما يجري في المهرة ، ولماذا أصبحت المحافظة هدفاً استراتيجياً لجماعة الحوثي ؟!
الزايدي – أكثر من مجرد شيخ قبلي
رغم محاولة البعض تصوير الزايدي كشخصية اجتماعية أو قبلية تسافر للعلاج ، إلا أن حقيقة موقعه السياسي كعضو في المكتب السياسي للحوثيين ، وارتباطه بملفات حساسة في مأرب وصنعاء، يجعل منه كنزاً استخباراتياً لا يمكن تجاهله .
أن محاولة تهريبه إلى سلطنة عمان ، أو بحسب روايات أخرى سفره بجواز دبلوماسي غير معترف به ، يعزز فرضية أنه كان ينفذ مهمة سياسية أو أمنية كبرى او حجة يراد بها احداث قادمة ، وليس مجرد مسافر عادي .
توقيت الاعتقال الحسابات الدقيقة والخسائر المكلفة
جاءت عملية توقيف الزايدي في لحظة توازن هشّ و هدنة عسكرية قائمة في الشمال ، ومحاولة الحوثيين فتح نوافذ نفوذ جديدة في الشرق ، فقي حادثة اعتقاله قتل العميد عبدالله زايد ، قائد كتيبة الدبابات واصيب جنوداً آخرين ، وأضرار جزئية في المعدات ، وإغلاق مؤقت لمنفذ صرفيت الحدودي مع عمان ، وقطع الطريق الدولي و تعزيزات عسكرية عاجلة إلى الشريط الحدودي ، وسط حرك دبلوماسي وضغوط قبلية للإفراج عنه ، كل هذا يجعل من الاعتقال قنبلة سياسية وأمنية واحلاماً لبعض الاطراف لكي تعيد رسم المشهد ليس فقط في المهرة ، بل في مأرب وصنعاء.
سيناريو الاختراق الحوثي عبر المهرة
الزايدي ليس الوحيد ، بل مجرد حلقة في سلسلة تحركات حوثية لاختراق المهرة عبر وكلاء محليين أبرزهم جماعة الحريزي، الذي يتصدر مشهد ما يسمونه برفض الاحتلال ظاهرياً ، بينما يوفر غطاء سياسياً وشعبياً للتحرك الحوثي من الخلف .
كما أن الحديث عن تحرك قبائل من مأرب إلى المهرة لنصرة الزايدي ، ليس أكثر من ذر للرماد على العيون ، بينما الهدف الحقيقي هو إدخال مجاميع حوثية إلى المهرة ، وخلق حالة فوضى أمنية وارتباك قبلي ، وشرعنة التسلل إلى المناطق الحدودية مع عُمان ، و استراتيجية الفوضى المدارة حيث تمثل محافظة المهرة بوابة بريه وبحرية حدودية مع سلطنة عمان والتي من المفترض ان تكون بعيدة نسبياً عن خطوط المواجهة ، فهي ذات حساسية قبلية وسياسية تسمح بإشعال صراع عبر أدوات ناعمة.
سيناريوهات محتملة بعد الاعتقال
تتعدد السيناريوهات المحتملة لواقعة الاعتقال وتتأثر بالعوامل الداخلة عليها ، فالحسم الأمني ، في استمرار احتجاز الزايدي امر محتمل وتتعدد اهدافه ، بل إن توجيه تهم رسمية له بصفته جزءاً من جماعة مسلحة انقلابية ، و كشف خيوط ارتباطه بالجهات التي حاولت تهريبه ، فقد تعد لبعض مكونات الشرعية وفرض هيبة الدولة وكسب الرأي العام المناهض للحوثي و ردع محاولات التسلل ، كما انها قد تتيح لتصعيد مسلح في ساحة المهرة باستخدام الزايدي كورقة ثأر قبلية لتحقيق اهداف الاطراف الاخرى .
كما إن إطلاق سراحه تحت ضغط دبلوماسي أو قبلي ، و عبر شخصيات نافذة ، امراً لايزال محتملاً وخاصة في ظل بروز للعديد من الشخصيات القبلية منذ اليوم الاول للحادثة ، بحجة محاولة تجنب التصعيد وقد يستفاد منها كصفقة تبادل .
الحريزي والحوثي تحالف فوق الطاولة وتحتها
تُجمع التقارير الميدانية على أن علي الحريزي أصبح الذراع المحلية للحوثيين في المهرة ، وتحركاته المتزامنة مع حادثة الزايدي، تفضح هذا التنسيق .وان تحريك أذرع مسلحة من داخل المحافظة ضد الأجهزة الأمنية ، وخلق بيئة سياسية تتماهى مع سرديات الحوثي عن “العدوان” و”السيادة” . يعدها الكثيرون محاولة لجماعة الحوثي في ترسيخ موطئ قدم لها في المهرة، والوصول إلى منفذ صرفيت وحدود سلطنة عمان ، وخنق خطوط الإمداد لقوى الشرعية والتحالف ، وفتح جبهة بحرية جديدة نحو المحيط الهندي ، بل إن سقوط المهرة سيؤثر استراتيجيًا على محافظة مأرب من حيث الغطاء القبلي والتنسيق ، وحسم وادي حضرموت جغرافياً .
ان التمسك بعدم الإفراج عن الزايدي، واعتباره معتقلًا سياسيًا وأمنيًا خطيرًا ، و تكثيف التوعية الإعلامية لفضح الروايات الحوثية والغطاء القبلي المزيف ، و تعزيز التواصل مع قبائل المهرة لضمان عدم اختراق الصف المحلي اصبح أمرا حتميا من اجل المحافظة والحفاظ على سلميتها ، و فضح دور الحريزي كحاضنة محلية للحوثيين والتعامل معه كتهديد صريح .
إن حادثة اعتقال محمد الزايدي ليست مجرد اعتقال قيادي حوثي ، بل كشفت رأس جبل جليدي سياسي وأمني يوشك على الانهيار إذا لم يتم التعامل معه بحزم وذكاء استراتيجي .
فالمهرة اليوم ، ليست فقط ساحة اختبار لهيبة الدولة ، بل تعد بوابة الانهيار أو الصمود في وجه المشروع الحوثي، حسب الطريقة التي يُدار بها هذا الملف .
يوليو 6, 2025
يونيو 30, 2025
مايو 18, 2025
مايو 13, 2025