مع قرب مناسبة عيد الفطر المبارك تواجه العديد الأسر اليمنية أعباء تفوق قدراتها في ظل انقطاع رواتب الموظفين منذ خمسة أعوام، واعتماد نحو 80 في المئة من السكان على المساعدات، فإن الملابس المستعملة التي كانت ملاذاً للفقراء في الأعياد والمناسبات الدينية باتت اليوم بعيدة المنال عنهم، حيث أصبح الحديث عن ملابس العيد ترفاً لا يقدرون عليه، في حين أصبحت الطبقة المتوسطة من السكان الأكثر إقبالاً على محلات بيع الملابس المستعملة لإسعاد أطفالهم.
في شوارع صنعاء، يحاول البعض إسعاد أطفاله حتى وإن كان ذلك على حساب التزامات أكثر ضرورة، لكن نيران الأسعار تحول بينهم وبين ذلك، فيما أقر أغلبية السكان باستحالة الحفاظ على التقاليد التي ارتبطت بحلول عيد الفطر المبارك، وأهمها شراء الملابس الجديدة والحلوى المتنوعة والكعك. ويعتقد من يتمكن من شراء ملابس مستخدمة لأطفاله بأنه الأكثر حظاً من بقية الناس الذين يقاسون من انقطاع الرواتب منذ خمسة أعوام، مضاف إليها توقف الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي فقدان كل مصادر الدخل.
وتقول أحلام علي وهي ربة منزل وأم لأربعة أطفال وزوجها يعمل في محل لبيع أكسسوارات الهواتف النقالة: «لأول مرة أشتري ملابس عيد مستعملة لأطفالي، فعندما ذهبت إلى المحلات التجارية فوجئت بغلاء فاحش، ومع ذلك حاولت البحث عن أي ملابس بسعر مقدور عليه لدى الباعة في الأرصفة لكن الأسعار مرتفعة، ولهذا ذهبت إلى محلات بيع الملابس المستعملة، حيث وجدت بضاعة معقولة وسعرها يناسب قدراتنا، وأدخلتها مغسلة أوتوماتيكية فتم غسلها وكيها وأحضرتها بعد ذلك بعدة أيام إلى البيت ولم يلاحظ أبنائي أنها مستعملة».
من جهتها تقول سعاد وهي إحدى النازحات، إنها وللمرة الأولى أيضاً تقوم بشراء ملابس مستعملة لأبنائها في العيد، بعد أن صدمت بأسعار الملابس في المحلات.
فيما يتحدث عبدالله أحمد – صاحب محل – عن الفجوة الكبيرة بين طبقات المجتمع كنتيجة ويقول، «إن الطبقة الوسطى تآكلت وأصبح لدينا طبقة عُليا قادرة على شراء بضائع بأي سعر، وطبقة تحت خط الفقر والعوز لا تستطيع شراء أي شيء، فهناك في الأسواق الضخمة توجد الملابس باهظة الثمن ويتزاحم الميسورون على شرائها، وفي الجهة الأخرى هناك «بسطات» علو الأرصفة وفي الشوارع الخلفية، حيث تزدحم أيضاً بالفقراء الذين يبحثون عما يرسم الفرحة على وجوه أطفالهم».
أما عبدالله المحويتي، وهو صاحب دكان صغير في أحد أحياء صنعاء وأب لثمانية أطفال فيقول، إنه ذهب وزوجته لشراء ملابس العيد لأبنائهما، لكنهما فوجئا بالأسعار ويضيف: «وضعي أفضل من كثيرين غيري، ولهذا ذهبت لشراء ملابس من سوق الجملة لبناتي لأنهن في سن متقاربة، وأما الذكور فقد اكتفيت بشراء ثوبين».