من بين سائر قبائل اليمن، لا زالت قبيلة يافع الحميرية الشهيرة تحتفظ بتراث الأجداد كتقليد سنوي لتجديد موروث آخر الحضارات اليمنية القديمة.
وتحضر قبائل يافع المنتشرة في 8 مديريات بين محافظتي أبين ولحج (جنوب) بقوة في المشهد السياسي والعسكري وحتى الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وتقيم سنويا مهرجانها التقليدي كجزء من بعث تاريخ “حمير” مجددا.
وحمير هي القبيلة التي حكمت جنوب الجزيرة العربية أكثر من 600 عام بين 115 قبل الميلاد إلى 525 ميلاديا، وتعد قبيلة يافع أهم بطونها، وبحسب المراجع التاريخية فقد دخلت يافع الإسلام لتشكل مددا للخليفة أبو بكر الصديق في فتوحاته.
وتعد يافع موطن “ناطحات السحاب الحجرية الفريدة في العالم”، وتشتهر بفن العمارة والبنايات التي تتسامق مع الجبال الوعرة لتشكل لوحة فاتنة من الجمال.
مهرجان سنوي
بين تلك المباني الفريدة، ينطلق سنويا في اليوم العاشر من بعد عيد الأضحى “مهرجان يافع التراثي”، الذي يحيي تراث حمير العريق ويستمد منه اليمنيون زهاء قوتهم وجلدة صبرهم وكفاحهم الطويل لحماية وطنهم.
وخطف “مهرجان يافع السنوي” هذا العام الأنظار بعد أن توافدت قيادات قبلية وعسكرية وسياسية جنوبية بارزة إلى بلدة “الهجر” في لبعوس لمشاركة المواطنين في الجبال الشماء أحياء تراث حمير العريق وذلك يوم الأحد ومن المتوقع أن ينتقل لمناطق أخرى.
ويشارك رجال وأطفال يصبغون وجوههم بالسواد، فيما يحتزم آخرون بالخناجر ويحملون السلاح القديم على أكتافهم قبل أن تقرع الطبول وتنطلق منذ إشراقة الصباح وحتى الظهيرة الرقصات الحربية وسجلات الشعر الشعبي.
رقصات “البرع” الحميرية العسكرية التي تؤدى على وقع الطبول ويتجاوز عددها 20 رقصة تعتبر من أبرز رقصات قبائل يافع الحميرية وتمتد لباقي قبائل اليمن، وتشارك النساء إلى جانب الرجال المتشحة بالأسلحة والجنابي (الخنجر) اليمني المعروف.
ويتم أداء الرقصات إلى جانب ترديد الزوامل (أهازيج شعبية يرددها الرجال بأصوات جهورية وحماسية)، فيما يقدم المهرجان جوائز مالية أبرزها جائزة “العر” للإبداع وخدمة المجتمع وتسلم لشخصيات فاعلة ومساهمة ثقافيا ومجتمعيا وعلميا.
فعالية منذ مئات السنين
ويرى ناشطون جنوبيون في حديث مع “العين الإخبارية” أن مهرجان يافع للتراث الثقافي يُعتبر من أقوى الفعاليات الثقافية والفنية القبلية في الجزيرة العربية ويمتد منذُ مئات السنين ويحمل تاريخا كبيرا ونهجا فنيا وثقافيا متميزا.
وقال المصور والإعلامي، فواز محمد، وهو أحد أبناء يافع، إن “يافع اعتادت على إقامة هذا الموروث الثقافي منذ سنوات، وكانت تتخلله فقرات متنوعة، مثل الزي الشعبي، رقصة البرع، حمل الأسلحة القديمة، الزوامل التي تفاخر بتاريخ يافع.. وغيرها”.
وأوضح لـ”العين الإخبارية”، أن “المهرجانات الثقافية تقام لإظهار مخزون البلد من الآثار والتراث الذي تركه الأجداد والآباء ويتفاخر به الأبناء”.
من جانبه، أشار عضو الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي، عادل الشبحي، إلى أن مهرجان يافع السنوي له خصوصيته التي كان يجب أن تلقى اهتماما إعلاميا يبرز هوية القبلية الحميرية.
وحث الشبحي القائمين على المهرجان على تخصيص “أجنحة لكل المعدات المستخدمة في المنازل والبناء والمزارع والأسلحة القديمة ووسائل نقل الأغراض بين الجبال والتي ارتبطت بالإنسان اليافعي”.
وشدد على ضرورة إبراز “لبس الرجال والنساء وسجالات الشعر الشعبي و الوجبات اليافعية الخاصة التي تعد في المطبخ اليافعي وندوات ثقافية متعددة وإبراز دور المرأة كشريكة للرجل في يافع”.